الجزائر – افريقيا برس. اعتبر الدولي السابق لخضر بلومي أن ملحمة خيخون بوابة دخل بفضلها المنتخب الوطني إلى العالمية، وأن الألمان زوّروا اللعبة مع حلفائهم النمساويين وبلغوا النهائي، ومحرز قادر على اللعب في الريال والبارصا بالسيجارة وهو أحسن من البرازيلي جينيور، ونصح بن ناصر بالبقاء في الميلان، وحذره من الانضمام إلى السيتي تفاديا لتكرار سيناريو غوارديولا مع رياض محرز.
38 سنة تمر اليوم على ملحمة خيخون بإسبانيا، بم تذكرك؟
الذكريات الجميلة لا تنسى وتبقى مكتوبة في سجل الكرة الجزائرية بأحرف من ذهب، لقد فجرنا مفاجأة مدوية هزت العالم مساء السادس عشر من شهر جوان لسنة 1982، حيث أبهرنا العالم وشرفنا الأمة العربية والإسلامية في أمسية رمضانية، وستبقى إطاحتنا للألمان راسخة في الذاكرة وتعتبر بمثابة بوابة دخلنا بها إلى العالمية.
أول لقاء في كأس العالم وأول فوز ضد الألمان وأكبر فرحة بعد الاستقلال، أليس كذلك؟
عندما أسمع الحديث عنها تهتز مشاعري، وأحس بأنني متواجد بملعب المولينون بمدينة خيخون، وكانت أول مباراة مونديالية وأول فوز للجزائر وأكبر فرحة عاشتها الجزائر منذ الاستقلال، حيث فزنا بالأداء والنتيجة وكنا نستحق ذلك، رغم أن المنافس المنتخب الألماني الذي كان هدفه الرئيس هو استرجاع لقب كأس العلم الذي فقدوه في مونديال 1978.
وكيف كان شعورك بعد تسجيل هدف الفوز؟
كان إحساسا فريدا من نوعه، لأن قهرنا الألمان أدخلنا إلى العالمية من الباب الواسع، وأعتبره أغلى هدف خلال مسيرتي مع الخضر، وفرحتنا بهذا الفوز أكثر من اللعب، حيث خلقنا ضجيجا عالميا، وإن هدف الفوز جاء بعد قيامنا بـ 11 تمريرة بداية من دائرة الوسط وكانت خاتمتها هدف الفوز، ولا يُمكن نسيان هذا الهدف الذي كان أسرع رد فعل في العالم بعد 40 ثانية و11 تمريرة قصيرة، وهذا بعد تعديل النتيجة مباشرة وفقت في توقيع هدف الفوز التاريخي على الماكينات الذين تآمروا مع النمسا ضدنا، حيث لم نمنح لهم وقتا للتعبير عن فرحتهم بهدف التعادل الذي وقعه رومينيغي سوى دقيقة واحدة، في سيناريو تاريخي حدث لأول مرة في المونديال.
كيف عشت فرحة الفوز وهل اتصل بكم مسؤولون كبار في الدولة بعد الفوز؟
لقد تم تخصيص طائرة خاصة من الجزائر إلى مدينة خيخون وعلى متنها وزراء وإطارات في الدولة حيث تنقلوا جميعهم ماعدا الرئيس الشاذلي بن جديد، حيث قدموا لنا الدعم المعنوي، لكن هذه المبادرة رياضيا أثرت علينا سلبيا ودفعت في اللقاء الثاني ضد النمسا الفاتورة غاليا بعدما نسينا هذا اللقاء، رغم أن النمسا كانت في متناولنا.
قبل اللقاء هل كنتم تؤمنون بإمكانياتكم للفوز على الألمان؟
لم نخش الألمان، وكانت الوطنية وروح المجموعة سلاحنا ولم يتمالكنا الشك، وحتى أنصارنا الذين آمنوا بالفوز، ولقد حفزتنا كثيرا التصريحات الساخرة للاعبين الألمان وعلى رأسهم روباش ورومينيغي، والحارس شوماخر وشتيليكي وبريغل وبرايتنر وليتبارسكي وغيرهم، علما أننا حضرنا جيدا للمونديال ولعبنا أكثر من 15 مواجهة ودية ضد نواد عالمية، منها الريال وفلامينغو وغيرها من النوادي الكبيرة، وكان ردنا سريعا وعلى ملعب المولينيون بمدينة خيخون، رغم أن الألمان لعبوا بكل نجومهم ومنتخبنا لعب المواجهة بـ 4 لاعبين محترفين وهم منصوري وقريشي وجمال زيدان، إضافة إلى الاحتياطيين لارباس وبن ساولة، والبقية من البطولة الجزائرية وهم سرباح وڤندوز ومرزقان وفرڤاني وماجر وأنا شخصيا وعصاد.
لقد أكدتم علو كعبكم في أول لقاء مونديالي ما هو السر في ذلك؟
لقد لعبنا جيدا وكنا أحسن انتشارا فوق أرضية الميدان من الألمان، وكان ردنا سريعا، والدليل على ذلك حينما عدل رومينيغي النتيجة في الدقيقة 69، تمكننا من الرد عليه في ظرف قياسي ومن 11 لمسة، والحمد لله أن هذا الفوز يبقى محفورا في ذاكرة العرب والمسلمين والأفارقة وكل عشاق كرة القدم في العالم، لكن للأسف هذا الفوز لم يكن كافيا لأن الألمان زوّروا اللعبة مع حلفائهم النمساويين وبلغوا النهائي، وكانت هذه المؤامرة الشهيرة تستهدف منتخبنا، حيث إن المسؤولين عن الكرة في بلادنا تقدموا آنذاك بطلب إلى اللجنة المنظمة لإقصاء الألمان والنمسا لكن الفيفا اكتفت بإصدار قرار جديد يقضي بلعب المقابلتين الأخيرتين للمجموعة الواحدة ضمن الدور الأول في وقت واحد تجنبا لتكرار مأساة محاربي الصحراء.
الجميع أكد أن ذلك يعود إلى ثمرة الإصلاح الرياضي المطبق آنذاك بإرادة سياسية كبيرة، أليس كذلك؟
بالتأكيد، وكانت البداية من عهد فريق جبهة التحرير الوطني إلى غاية ظهور الإصلاح الرياضي موسم 1976، ولو عدنا إلى الوراء نستطيع القول إن الإصلاح الرياضي هو ثمار كأس العالم لسنة 82 بإسبانيا و86 بالمكسيك، وعدة دورات لكأس الأمم الإفريقية لسنوات 80و 82و 84، ولولا الإصلاح الرياضي لما تأهلنا إلى كأس العالم، والفضل يعود إلى وزير الشباب والرياضة آنذاك جمال حوحو الذي سخر كل شيء لمختلف أنواع الرياضات للتواجد ضمن الأوائل إفريقيا، وإضافة إلى ذلك أننا كنا نلعب من أجل الألوان الوطنية وليس من أجل الأموال.
البطولة الوطنية كانت تزخر بلاعبين من المستوى العالي حتى إن العديد منهم ضيع فرصة اللعب ولو لدقائق مثل عجيسة ومزياني وغيرهم في ظل قوة بلومي مثلا، أليس كذلك؟
هناك لاعبو النوادي فقط، أنا جئت من فريق غالي معسكر، ورغم أن عجيسة ينتمي إلى مدرسة وفاق سطيف ومزياني إلى مدرسة اتحاد الحراش، ورغم أن المدربين منحوا لهم فرصا لكنهم لم يبرزوا، لكنني أنا شخصيا كنت أشتغل ليلا ونهارا لكي أضمن مكانتي في التشكيلة، والحمد لله كنت الخيار الأول لكل مدرب لكل الأوقات.
من كثرة النجوم في البطولة الجزائرية هناك من كان ينادي بتشكيل فريقين وطنيين دون حرج، ما هو تعليقك على ذلك؟
حقيقة، البطولة الجزائرية كانت تزخر بالنجوم حتى إن المدربين على مستوى مختلف المنتخبات الوطنية كانوا يجدون صعوبة كبيرة في استدعاء اللاعبين، فكان في كل جولة يبرز عدة لاعبين، والدليل على ذلك كما أشرنا أن التشكيلة في لقائنا ضد ألمانيا الغربية كانت تضم 4 لاعبين محترفين فقط والبقية من البطولة الجزائرية.
وضح لنا سبب خسارتكم في مقابلة النمسا؟
نعم، العالم كله تفاجأ عندما انهزمنا ضد النمسا والجميع كان يرشحنا للفوز بسهولة خاصة بعد إطاحتنا في اللقاء الأول بمنشط النهائي آنذاك المنتخب الألماني الذي يضم في صفوفه أرمادة من اللاعبين الكبار في العالم أمثال الحارس العملاق شوماخر وروباش ورومينيغي وغيرهم، وسبب الخسارة يعود إلى عدم نضج المسؤولين آنذاك الذين كانت تهمهم المشاركة وكفى، وليس في نيتهم بلوغ أدوار متقدمة رغم أننا كنا من بين أفضل المنتخبات المشاركة، ولو لعبنا بخطة موقعة ألمانيا لم يسجلوا علينا هدفا واحدا ولو لعبنا يوما كاملا، إضافة إلى ذلك استهزاؤنا بالمنافس كان من الأسباب الرئيسة للخسارة، حيث اعتقدنا بعد فوزنا على الألمان أننا نفوز على كل المنتخبات، لكن الغرور أوقعنا في الفخ، حيث تلقينا هدفين عن أخطاء فادحة.
وماذا تقول عن المؤامرة الشهيرة بين الألمان والنمسا؟
ساهمت في شهرة الجزائر في مقابلة العار كما يطلق عليها، هذا وشهد شاهد من أهلهم، حينما صرح مدرب المنتخب الألماني آنذاك جوب دروال في المؤتمر الصحفي قائلا: “كنا نريد أن نتأهل، لا أن نلعب كرة القدم” من جهته، لوثر ماتيوس علق على الفضيحة قائلا: “لقد نجحنا، هذا هو المهم”، كما شن المعلقون الكرويون هجوما عنيفا على الفريقين، منهم من قال إن ما حدث مخز ولا علاقة له بكرة القدم، ومنهم من قال عار عليكم، ومنهم من حمل الأوراق النقدية في المدرجات، كما عبر مشجع ألماني عن ذلك حينما أحرق علم بلاده احتجاجا على ماوصفه بأكبر عملية تزوير في تاريخ كأس العالم، ولو سارت الأمور على طبيعتها لتأهلنا إلى جانب الألمان لأن النمسا لم تتأهل وستتلقى هزيمة كبيرة، والحمد لله أن هذه الفضيحة أجبرت الفيفا على جعل آخر مباريات دوري المجموعات تلعب بالتزامن مع بعضها البعض في وقت واحد، لقطع الطريق أمام التلاعب بالنتائج أو التآمر.
لعبتم شوطا أول ضد الشيلي ممتازا وسجلتم 3 أهداف لكنكم تراجعتم في الشوط الثاني بودنا أن نفهم السبب؟
أنا لم ألعب اللقاء لأنني كنت مصابا، ولعب مكاني صالح عصاد، ولعب بوربو في منصب الجناح الأيسر، حقيقة منتخب الشيلي رغم أنه شارك في خمسة نهائيات لكأس العالم، وكنا الأحسن في الشوط الأول وسجلنا 3 أهداف لكن دفعنا ثمن غرورنا غاليا كالعادة، ولم نحفظ درس موقعة النمسا، ورغم ذلك، فزنا وكنا نستحق التأهل للدور الثاني.
قيل الكثير عن نكسة الخضر في مونديال مكسيكو وأن سببها تدخل المسؤولين في صلاحيات سعدان أليس كذلك؟
حقيقة، حدث مؤلم، وسنة قبل المونديال كنا نتخبط في مشاكل عديدة، حيث كان سياسي يتدخل في صلاحيات المدرب رابح سعدان.
وضح ذلك؟
سعدان ليس هو من أعد قائمة اللاعبين المشاركين في مونديال المكسيك 1986 بل هناك سياسي له باع كبير جرد سعدان من صلاحياته، وأحمله سبب خروجنا المبكر في مونديال المكسيك 1986 حيث خرجنا بنقطة واحدة من التعادل أمام منتخب أيرلندا الشمالية بهدف جمال زيدان، بالإضافة إلى ذلك أن اللاعبين الذين لم يشاركوا في التصفيات كانت أسماؤهم تفرض عليه بقوة وعلى رأسهم حركوك الذي لم يقدم الإضافة للمنتخب،، في حين تم استبعاد الذين كانوا يستحقون التواجد كالقائد علي فرقاني وغيرهم.
ثمرة الإصلاح الرياضي انتهت مباشرة بعد مونديال المكسيك وأصبحنا نعتمد على المحترفين بسبب ضعف البطولة، أليس كذلك؟
بسبب تدخل السياسيين في الرياضة، ويعتبر ذلك من الأسباب الرئيسة لضعف بطولتنا.
وعن الخسارة على يد الفراعنة سنة 1989؟
نعم، أعتبرها الأسوأ في مسيرتي الرياضية، نعم خسرنا بهدف دون رد في ملعب القاهرة ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم بإيطاليا سنة 1990، وأتأسف كثيرا لأن المصريين يعتمدون دائما على لعبة الكواليس في مقابلاتهم ضدنا فهم لا يحبون الخسارة أمامنا ونحن أيضا، والشيء الذي أتأسف له هو التهمة الباطلة التي ألصقها بي الطبيب المصري..
هل توافق أنصار الخضر الرأي حينما قالوا إن عهد الثمانينيات عاد مع بلماضي؟
بكل صراحة أمنح له العلامة الكاملة، لأنه أعاد في ظرف قصير الهيبة للكرة الجزائرية، خاصة بعد المشاركة المشرفة في كأس الأمم الإفريقية بمصر 2019، والإطاحة بالمنتخب الكولومبي وديا 3-0، حيث غرس في نفوس اللاعبين الروح القتالية والوطنية، وأصبح يعتمد على اللاعبين الذين يقدمون الإضافة وأجلس الأسماء الكبيرة على كرسي الاحتياط.
من ترشح لخلافة زطشي؟
لا نستبق الأحداث، حيث إن موعد انتخاب رئيس جديد يفصلنا عنه 6 أشهر.
ما هي أسوأ حادثة أليمة يتذكرها بلومي؟
الإصابة الخطيرة التي تعرضت لها في ليبيا، ورغم أن المسؤولين بوزارة الشباب والرياضة نصحوني بعدم السفر لكنني غامرت ودفعت فاتورة العلاقات المتوترة بين البلدين.
كيف؟
نعم، كانت الأجواء بين الجزائر وليبيا متوترة جدا وأنا لم أندم على سفري إلى ليبيا فأنا أديت واجبي وجاهدت على علم الجزائر وسبب الإصابة المتعمدة التي تعرضت لها المشكل السياسي بين البلدين وأنا دفعت الفاتورة غاليا، وكذلك حادثة مصر سنة 1989 حينما اتهموني بفقء عين الطبيب أحمد عبد المنعم في الفندق، وأنا بريء من هذه التهمة الباطلة.
من وقف إلى جانبك في وقت الشدة في حادثي مصر وليبيا؟
كل الجالية العربية والمغاربية وقفت إلى جانبي وإصابتي خلقت شهرة كبيرة للمستشفى الفرنسي سالوي بباريس الذي كنت أعالج فيه، دون أن أنسى رئيس الجمهورية المرحوم الشاذلي بن جديد الذي قدم لي كل الدعم والمساعدة وأشكر الجميع دون أن أنسى والي معسكر المرحوم مراح الذي قدم المساعدة لعائلتي طيلة شهرين وأنا فخور بذلك لأنني أديت واجبي الوطني بكل إخلاص ورفعت راية الجزائر..
هل أنت مع بقاء بن ناصر في الميلان؟
أنا مع بقائه في الميلان، رغم أن السيتي والريال يرغبان في الفوز بخدماته، وأنصحه بعد الانضمام إلى السيتي والدليل ما يحدث للنجم رياض محرز مع مدربه غوارديولا، وأنصح محرز أيضا بالرحيل عن السيتي وأؤكد لكم أنه قادر على اللعب في الريال والبارصا بالسيقار كما يقال، لأنه أحسن من البرازيلي جبنيور وأتمنى أن تتاح له الفرص وأنا متأكد من كونه سيبرهن.
وما هو تعليقك على فضية التسجيل الصوتي؟
أطالب باستئصال رؤوس الفساد من الكرة الجزائرية، لأن مثل هذه الأمور هي سبب ضعف البطولة الجزائرية.
وعن التصريح الغريب للدولي السابق عبد الحميد مراكشي؟
أولا أقول له أين أنت مقيم حاليا، وأنا أقول إن الجزائر توجت بكأس أمم إفريقيا الأخيرة بمصر بأبنائها وليس بأبناء فرنسا، فمثلا مصطفى دحلب عاش في فرنسا ومثل الجزائر أحسن تمثيل وأيضا زياني وأخيرا دولور، إضافة إلى بن ناصر الذي طلب اللعب للجزائر، وأنا ألوم زيزو لأنه لم يلعب لصالح الجزائر رغم أنه نال كأس العالم مع فرنسا.
والدة زيزو قالت لك إن ابنها يحتفظ بصورتك في غرفته هل هذا صحيح؟
أجل لقد جمعني بها لقاء في الجزائر حينما استقبلنا رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة وصرحت لي بأن زين الدين زيدان المدرب الحالي لريال مدريد كان يحتفظ بصورتي في غرفته وكان يحلم بأن يكون مثلي والحمد لله لقد وفقه الله وأصبح لاعبا مشهورا في العالم ومدربا كبيرا أين حاز مع فريقه ريال مدريد عدة كؤوس.