هل ستعرف “محاكمة القرن” انطلاقة جديدة؟

14

من المنتظر أن تنطلق، هذا الأربعاء، مجددا مجريات محاكمة كل من الوزير الأول أحمد أويحيى وسلفه عبد المالك سلال و15 متهما في ملف “تركيب السيارات”، في الوقت الذي تصر فيه هيئة الدفاع بمقاطعة الجلسة، فهل سيؤجل القاضي مناقشة القضية، أم سيعتمد على المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية المتضمنة لمحتوى “العبرة بما يدور في الجلسة”؟.

قضية الحال تم تأجيلها الاثنين، بعد أن انسحبت هيئة دفاع المتهمين لأسباب تنظيمية وعدم توفر الأجواء المواتية للمحاكمة من جهة وعدم استيفائها للشروط القانوني، ترجع إلى تداخل بين صلاحيات المحكمة العليا وصلاحيات المحكمة الابتدائية من جهة أخرى، وبالرغم من التأجيل الذي أعلن عنه رئيس جلسة القطب الجزائي المتخصص لدى محكمة سيدي أمحمد، إلا أن هيئة دفاع المتهمين الـ17 قرروا مقاطعة جلسة اليوم لعدم اقتناعهم بمجريات المحاكمة العادلة.

وأمام رفض المحامين الدفاع عن موكليهم، وحسب ما كشف عنه الأستاذ فاروق قسنطيني الثلاثاء لـ”الشروق”، فإن المتهمين سيرفضون الإجابة عن أسئلة القاضي، بسبب غياب محاميهم، مما سيضع قاضي الحكم بين احتمالين، إما مواصلة البت في قضية الحال، أو التأجيل مرة أخرى.

واقترح قسنطيني، قاعة كبيرة حتى لو لم تكن تابعة للقضاء، على شاكلة قاعة “حرشة”، ما أطلق عليها “المحاكمة التاريخية”، حتى يتمكن الجميع سواء وسائل الإعلام والمحامين أو المواطنين من متابعة لحظة بلحظة أطوار المحاكمة، لتجنب الفوضى العارمة التي عمت مبنى محكمة سيدي أمحمد الاثنين.

من جهته، قال المحامي بوجمعة غشير، إنه “في حالة عدم تجاوب المتهمين مع المحكمة ورفضهم تصريح نكون امام معضلة لا تمكن القاضي من بناء قناعة لإصدار حكم عادل”، موضحا أن وجود محام في قضايا جنحية على شاكلة قضية الحال ليس إجباريا، ولكن إذا تمسك المتهمون بمحاميهم لهم الحق في ذلك، لأن الحق في الدفاع هو حق دستوري.

ومع ذلك، يضيف الأستاذ غشير، فإذا أصر القاضي على متابعة إجراءات الجلسة، نكون أمام خرق لحق الدفاع المنصوص عليه دستوريا، خاصة أن الفقرة الثانية من المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية جاء فيها “لا يسوغ للقاضي أن يبني قراره إلا على الأدلة المقدمة له في معرض المرافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا أمامه”.

المحامون في قضية تركيب السيارات يوضحون:

هكذا ينظر الدفاع لجلسة محاكمة الوزراء ورجال الأعمال المؤجلة!

– بيطام: إحالة الوزراء على المحكمة العادية يرسم مبدأ التساوي أمام القانون
– برغل: كان يفترض تأسيس محكمة الدولة لمحاكمة الوزيرين الأولين

أكد ممثلو هيئة الدفاع في قضية وزراء بوتفليقة ورجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق المتابعين بتهم فساد في ملف “تركيب السيارات” على أنه كان ينبغي التشريع لمحكمة عليا للدولة لمحاكمة الوزيرين الأولين السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال وفقا للمادة 177 من الدستور، لكن الاستثناء الذي حصل في القضية – حسبهم – بإحالة الوزراء على محكمة الجنح العادية وجلوسهم في نفس قفص الاتهام الذي يجلس فيه المواطن العادي قد يرسم صورة لمبدأ التساوي أمام القانون.

وقال المحامي نجيب بيطام، عضو هيئة الدفاع في القضية أنه وفقا للامتياز القضائي الذي يتمتع به الوزراء وخاصة بالنسبة لأحمد أويحيى وعبد المالك سلال بصفتهما وزيرين أولين أثناء ارتكاب الوقائع المتابعين بها كان ينبغي وفقا للمادة 177 من الدستور الجزائري أن تنشأ محكمة عليا للدولة، والتي تختص-يضيف- بمحاكمة رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى والوزير الأول عن الجنايات والجنح والتي يتم ارتكابها بمناسبة تأدية مهامهم، وأضاف “الواقع اليوم أن هذه المحكمة لم تؤسس رغم وجود النص الذي يشير إليها، وبالتالي نحن أمام فراغ قانوني”، وتابع “سبق وأن نبهت لهذه المسألة منذ انطلاق إجراءات المتابعة ضد الوزيرين الأولين”.

ورغم ما تشكله المادة 177 من جدل قانوني في الملف المطروح للمحاكمة اليوم، إلا أن المحامي بيطام يرى أن قرار وزير العدل بلقاسم زغماتي بإحالة ملف الوزراء أمام محكمة سيدي أمحمد فيه تحقيق لمطلب شعبي منذ بداية الحراك، والذي يتعلق بتحقيق المساواة بين جميع الجزائريين أمام القانون في انتظار – يقول – التخلي عن الحصانة البرلمانية.

وأوضح ذات المصدر أنه من باب الاجتهاد القانوني والفقهي وفي انعدام محكمة الدولة الخاصة، نرجع حينها للنص السابق والذي يتحدث عن محكمة أمن الدولة والتي ألغيت بدورها منذ سنوات، وشرح بيطام أن هناك من تحدث عن إحالة الوزراء على غرفة خاصة في المحكمة العليا، لكن ذلك يصطدم -حسبه- بمبدأ التقاضي على درجتين، وسيكون هناك إشكال أين سيطعن في الحكم الذي سيصدر من المحكمة العليا، وهو ما يفرض الرجوع إلى الأحكام العامة للمحاكمة العادلة والتي تقتضي تساوي الحاكم والمحكوم أمام القانون، ليصرح “المواطنون اطمأنوا لهذا الإجراء وفي نظرهم جلوس وزراء في نفس قفص الاتهام الذي يجلس فيه المواطن العادي ومحاكمة مسؤولين سامين بهذه الرتب من طرف قاضي عادي يحاكم المواطنين الذين يرتكبون مخالفات صورة راسمة لمبدأ التساوي أمام القانون”.

كل الاحتمالات واردة
وقال المحامي بيطام أن رئيس محكمة الجنح بسيدي أمحمد قام بتجميع ثلاثة ملفات مختلفة تختلف فيها مراكز المتهمين، حيث يوجد ملف يتعلق بالوزراء الأولين كمتهمين ورجال الأعمال شهود، وملفين آخرين تخص رجال أعمال متهمين والوزراء شهود، واعتبر ذلك خطأ إجرائيا، فلا يعقل للنيابة العامة -حسبه- أن تلتمس ضم الملفات، قبل انطلاق إجراءات المحاكمة، حيث لم يتم التحقق من هوية المتهمين في جلسة 2 ديسمبر ولا مواجهتهم بالتهم المنسوبة إليهم.

وقال المحامي برغل، عضو هيئة الدفاع في القضية أن الامتياز القضائي مبدأ دستوري، وكان ينبغي على السلطة أن تبادر لتأسيس محكمة الدولة الخاصة وإصدار قانون عضوي بخصوصها مثل ما جرى الحال في قانون الانتخابات والسلطة المستقلة الذي تم تعديله في ظرف قياسي، وأوضح أنه يحق للمتهمين الطعن والتمسك بحقهم الدستوري للمثول أمام محكمة خاصة أو المثول أمام المحكمة الابتدائية بشكل عادي.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here