هكذا قهر منتخب إيغيل ومهداوي غانا والسنغال

18

تحتفظ الكرة الجزائرية بصفحة جميلة ومأساوية في نفس الوقت، وذلك مطلع التسعينيات، مباشرة بعد مهزلة زيغنشور التي خيب فيها أبناء كرمالي الظن في نسخة “كان 92″، وتلتها محاولة جادة من طرف الطاقم الفني الجديد المكل من إيغيل مزيان وعبد الرحمان مهداوي، حين لجأ الثنائي المذكور إلى تشكيل منتخب شاب اغلبه من المحليين، كان الرهان فيه منصبا على التأهل إلى نهائيات “كان 94” ولعب أدوار مشرفة في التصفيات المؤهلة إلى مونديال أمريكا 94، وكان بالمقدور تسيد ذلك لولا قضية كعروف التي حطمت الحلم وأعادت الأمور إلى نقطة الصفر.

صنع الجيل الشاب الذي شكل تعداد المنتخب الوطني بعد مهزلة زيغنشور 92 صورة مشرفة من جميع النواحي، حين رفعوا التحدي في ظروف استثنائية، وتغلبوا على منتخبات تفوقهم خبرة وإمكانات، بدليل أنهم قهروا السنغال وغانا وصمدوا أمام كوت ديفوار ونيجيريا، وقهروا سيراليون والطوغو والكونغو، وأبانوا عن وجه طيب في عدة مباريات ودية أمام تونس والإمارات العربية وغيرها، إلا أنهم ذهبوا ضحية سوء التسيير، وفق ما اصطلح عليه بقضية كعروف التي حرمت “الخضر” من التواجد في دورة “كان 94” بتونس، وأعادت الأمور إلى نقطة الصفر رغم تأهلهم وأحقيتهم في المشاركة القارية من الناحية الميدانية، وهو ما يؤكد التأثير السلبي لسوء التسيير في تلك الفترة، ما حرم منتخبا شابا من البروز وإعادة الكرة إلى الواجهة في أعقاب الخيبة الكبيرة التي ميزت تشكيلة كرمالي خلال نكسة زيغنشور شهر جانفي 1992، حين خسرت بثلاثية أمام فيلة كوت ديفوار بقيادة يوسف فوفانا واكتفت بالتعادل في اللقاء الثاني أمام الكونغو، ما عجل بالخروج من بوابة الدور الأول.

تشكيلة شابة عبثت بالسنغال وسيراليون والكونغو والبقية
ورغم حالة التشاؤم السائدة منذ شهر جانفي 1992، عقب مهزلة زيغنشور التي بقيت تأثيراتها إلى غاية صائفة ذات العام، إلا أن لجوء الفاف إلى خدمات إيغيل ومزيان مكنت الثنائي المذكور من رفع التحدي في أصعب الظروف، وهذا من خلال الاعتماد على منتخب شاب أغلبه من البطولة المحلية، على غرار عاصيمي ومفتاح وخريس وكعروف وبلعطوي وعمروش وعجالي وكعروف وايديرام ودزيري وتاسفاوت وبراهيمي، مع الاعتماد على أسماء محترفة تعد من مدرسة البطولة، في صورة رحموني عبد الحميد ومراد مزيان.

هذا التعداد استهل رحلة التحدي يوم 14 أوت 1992 بمباراة هامة في ملعب زبانة بوهران أمام غينيا، حيث عادت الكلمة لأبناء إيغيل ومزيان بثلاثية مقابل هدف واحد، حيث وقعها كل من مزيان مراد ورحموني وصايب، تلاها اختبار آخر نهاية ذات الشهر في فريطاون، وخسر زملاء عاصيمي أمام سيراليون بهدف لصفر، تلتها ودية أمام تونس يوم 23 سبتمبر 1992 بملعب المنزه وانتهت بهدف في كل شبكة (سجل هدف الخضر مزيان الذي رد على هدف الحمروني)، ليكون رفقاء تاسفاوت على موعد مع نقل صعب إلى الطوغو، حيث انتهى اللقاء بالتعادل الأبيض في إطار تصفيات “كان 94″، ثم فازوا في المواجهة الموالية في ملعب تلمسان أمام بورندي بـ3 أهداف مقابل هدف واحد (سجل كل من (تاسفاوت هدفان ومراد مزيان)، وبعد ودية الإمارات العربية في ملعب المنامة البحرينية التي انتهت بالتعادل السلبي كان الموعد مع خرجة إلى غانا يوم 20 ديسمبر 1992 انتهت بفوز أصحاب الأرض بثنائية نظيفة، في إطار تصفيات مونديال 94، قبل أن يتداركوا الأمر بخرجة أخرى إلى السنغال يوم 10 أكتوبر 1993، لكن في إطار تصفيات “كان 94″، واحدث زملاء كعروف مفاجأة بعد العودة بفوز ثمين على وقع هدفين مقابل هدف واحد (سجل الثنائية كل من مفتاح وكعروف)، وبعد أسبوع من ذلك تنقلوا إلى بورندي وافتكوا تعادلا ثمينا (تصفيات مونديال 94)، وفي وقت قصير على وقع كثافة الرزنامة كان له تنقل مباشر إلى غينيا بيساو، حيث فازوا برباعية كاملة مقابل هدف واحد، واستعرض “الخضر” عضلاتهم بفضل رحموني وتاسفاوت ومزيان الذي سجل ثنائية، وهو اللقاء الذي يدخل في إطار تصفيات “كان 94”.

منتخب إيغيل ومهداوي أسقط أسطورة غانا بقيادة أبيدي بيلي
ويبقى يوم 27 فيفري 1993 عالقا في ذاكرة ملعب بروانة بتلمسان، حيث شهد تألق شبان المنتخب الوطني أمام نجوم غانا بقيادة أبيدي بيلي وييبواه والبقية، بعدما فاز رفقاء مراد مزيان بثنائية حاسمة في سهرة رمضانية تحت أنظار 20 ألف متفرج، فوز أزاح نجوم غانا من السباق، ومكن العناصر الوطنية من التأهل إلى المرحلة التصفوية الأخيرة لمونديال 94، في مجموعة صعبة ضمت كل من نيجيريا وكوت ديفوار، وفي هذا المجال فقد كانت مباراة غانا حاسمة في بقية مسار تصفيات المونديال، حيث كان لزاما على زملاء تاسفاوت الفوز في مباراة العودة أمام غانا لكسب تأشيرة التأهل إلى المرحلة الموالية، خصوصا وأنهم خسروا مباراة الذهاب في غانا بثنائية نظيفة منتصف ديسمبر 1992.

وقدم كل من عاصيمي وعمروش وصايب وشريف الوزاني وتاسفاوت ومزيان وبلعطوي ومفتاح والبقية درسا كرويا للمنتخب الغاني الذي تنقل بأرمادة من النجوم، وفي مقدمتهم نجم أولمبيك مرسيليا أبيدي بيلي وكذا بافوي وييبواه وغيرهم، فكانت أرضية ملعب بروانة بتلمسان محكا حقيقيا في سهرة رمضانية، وواجهت التشكيلة الغانية دون مركب نقص، وبصرف النظر عن هدف السبق الذي وقعه الغانيون عن طريق أوكونور في ربع الساعة الأول من المباراة، وحرمان مراد مزيان من هدف برأسية محكمة بحجة التسلل، إلا أن الشوط الثاني دخله زملاء تاسفاوت بقوة، خاصة بعد إقحام البديل محمد براهيمي الذي صنع الفارق لوحده، بتوقيعه لهدفين حاسمين، الأول عادل به النتيجة في (د57) والثاني رجح به الكفة في (د83)، محققين فوزا تاريخيا في سهرة رمضانية مميزة.

قضية كعروف حطمت أحلام “الخضر”
وقد كان للفوز التاريخي أمام منتخب غانا أثر إيجابي من الناحية الفنية والمعنوية، ما سمح لتشكيلة إيغيل ومهداوي بمواصلة رفع التحدي في بقية مشوار تصفيات المونديال، في مجموعة صعبة ضمت نيجيريا وكوت ديفوار، حيث أرغموا على التعادل في عقر الديار أمام الفيلة بهدف في كل شبكة، وخسروا مباراة العودة بهدف لصفر، وخسروا أمام النسور في نيجيريا برباعية واكتفوا بالتعادل في لقاء العودة، ما يعني أن الخبرة مالت للمنافسين، فيما حسم زملاء شريف الوزاني ورقة التأهل إلى “كان 94” بتونس، بعدما واصلوا مسيرة التألق، بفوز برباعية أمام الطوغو ورباعية أخرى أمام السنغال، إلا أن سوء التسيير حطم طموحات عناصر شابة حققت المبتغى فوق الميدان، بسبب الاحترازات المرفوعة ضد اللاعب مراد كعروف بحجة مشاركته دون استنفاد العقوبة قد عرض جيلا شابا للإقصاء، بسبب الخلط الذي وقع فيه سكرتير المنتخب الوطني بين مباريات تصفيات “الكان” وتصفيات المونديال، إقصاء أعاد العمل الكبير الذي قام به الثنائي إيغيل ومهداوي إلى نقطة الصفر، وكشف عن حالة التسيب التي عرفتها الفاف في تلك الفترة، وسط تبادل التهم بين مختلف الأطراف، ولو أن الخاسر الأكبر كانت الكرة الجزائرية التي غابت عن “كان 94″، بعدما سجلت مشاركة منتظمة في العرس القاري منذ نسخة 80.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here